الصحفيون المؤقتون في الصحف القومية.. بين قرارات معلّقة ووعود مؤجلة
تتجدد أزمة الصحفيين المؤقتين في المؤسسات الصحفية القومية، لتكشف كل مرة عن فجوة عميقة بين ما يُعلن من قرارات وما يُنفذ على أرض الواقع، بعد مرور ما يزيد على عام وثلاثة أشهر على قرار الهيئة الوطنية للصحافة بتعيينهم، في إطار بروتوكول مشترك مع نقابة الصحفيين، خضع خلاله المتقدمون لاختبارات مهنية أمام لجنة من كبار الإعلاميين وأعضاء مجلس النقابة.
ورغم وضوح القرار وعلانيته، ظلّ التنفيذ معلقًا في الهواء، ليصبح الغموض هو سيد الموقف. فالمؤسسات القومية، التي كانت يومًا مدارس لتخريج أجيال من الصحفيين، تعاني اليوم من شيخوخة مهنية واضحة بسبب تجميد التعيينات، وخروج المئات إلى المعاش، في وقتٍ تتحدث فيه إدارات هذه المؤسسات عن أزمات مالية ومديونيات مزمنة، وكأنّ الذنب يقع على من أفنوا أعمارهم في خدمة الصحافة الوطنية.
المؤقتون الذين تجاوزت خدمة بعضهم خمسة عشر عامًا دون استقرار وظيفي، حلموا أخيرًا بأن يأتي أغسطس 2024 بخبر التعيين المنتظر، بعدما أعلنت الهيئة عن جدول زمني لتسوية أوضاعهم، لكنّ الحلم سرعان ما تبخر، إذ اختفى أي تصريح رسمي يوضح مصير القرار، في حين تُرجِع مصادر داخل الهيئة تأجيل التنفيذ إلى تأخر وزارة المالية في تدبير التمويل اللازم.
مرّت الشهور، وتلاشت التصريحات، ولم يَعُد أحد يتحدث عن الملف. لا في لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولا على لسان رئيس الوزراء أو مسؤولي الإعلام. حتى البيانات الصادرة عن الهيئة خلت من أي إشارة إلى هؤلاء الذين يحملون أعباء الصحف القومية على أكتافهم منذ سنوات دون أدنى ضمانة للاستقرار أو العدالة الوظيفية.
ويتساءل الصحفيون المؤقتون اليوم بمرارة: هل تعجز الحكومة عن تعيين 700 صحفي وإداري وعامل فقط، بينما تفتح الباب لتعيينات بالآلاف في قطاعات أخرى؟ وهل ترى الدولة أن الصحافة القومية لم تعد ضمن أولوياتها، رغم أنها اللسان الرسمي الذي ينقل إنجازاتها ويعبّر عن توجهاتها الوطنية؟
ويبقى النداء مفتوحًا: هل يتدخل الرئيس السيسي لحسم هذا الملف الذي يمسّ أحد أهم أجهزة الدولة الإعلامية؟
فالقضية لم تعد مجرد تعيين، بل أصبحت مسألة كرامة، واستحقاق لعاملين حملوا راية الصحافة القومية في أحلك ظروفها، وظلّوا أوفياء لها رغم غياب أبسط حقوقهم.






